مَعْنَى أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَــْــهَ إِلاَّ اللهُ
أَعْلَمُ وَأَعْتَقِدُ وَأَعْتَرِفُ أَنْ لاَ مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلاَّ اللهُ.
الشَّرْحُ: أَنَّ الإِنْسَانَ لَمَّا يَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَــْــهَ إِلاَّ اللهُ مَعْنَى ذَلِكَ أُصَدِّقُ بِقَلْبِى يَقِيناً مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَأَنْطِقُ بِلِسَانِى أَنَّهُ لاَ أَحَدَ يَسْتَحِقُ أَنْ يُعْبَدَ إِلاَّ اللهُ. هُنَاكَ أَشْيَاءُ تُعْبَدُ غَيْرُ اللهِ. فَبُوذَا يُعْبَدُ، وَعِيسَى يُعْبَدُ، وَالأَصْنَامُ تُعْبَدُ، وَحَتَّى الشَّيْطَانُ يُعْبَدُ، لَكِنْ كُلُّ هَذِهِ تُعْبَدُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالَّذِى يَسْتَحِقُّ أَنْ يُتَذَلَّلَ لَهُ نِهَايَةَ التَّذَلُلِّ إِنَّمَا هُوَ اللهُ تَعَالَى الْخَالِقُ وَحْدَهُ. وَمَعْنَى الْعِبَادَةِ نِهَايَةُ التَّذَلُّلِ، أَوْ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى غَايَةُ الْخُضُوعِ وَالْخُشُوعِ كَمَا عَرَّفَهَا بِذَلِكَ الْحَافِظُ اللُّغَوِىُّ الْمُفَسّـِرُ الْفَقِيهُ الأُصُولِىُّ تَقِىُّ الدِّينِ السُّبْكِىُّ، وَكَمَا قَالَ الرَّاغِبُ الأَصْبَهَانِىُّ وَغَيْرُهُمَا. لَيْسَتِ الْعِبَادَةُ مُجَرَّدَ النّـِدَاءِ، وَلاَ مُجَرَّدَ الْخَوْفِ، وَلاَ مُجَرَّدَ الرَّجَاءِ، إِنَّمَا إِذَا اقْتَرَنَ النّـِدَاءُ بِنِهَايَةِ التَّذَلُّلِ أَوِ اقْتَرَنَ الْخَوْفُ بِنِهَايَةِ التَّذَلُّلِ أَوِ اقْتَرَنَ الرَّجَاءُ بِنَهَايَةِ التَّذَلُّلِ فَهَذِهِ هِىَ الْعِبَادَةُ.
مَعْنَى أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ
أَعْلَمُ وَأَعْتَقِدُ وَأَعْتَرِفُ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ القُرَشِىَّ صلى الله عليه وسلم عَبْدُ اللهِ ورَسُولُهُ إِلَى جَمِيعِ الخَلْقِ.
الشَّرْحُ: أَنَّ نَبِيَّنَا عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يَرْجِعُ نَسَبُهُ إِلَى هَاشِمِ بنِ عبدِ مناف. فَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الْهَاشِمِىُّ-يَعْنِى مِنْ بَنِى هَاشِمٍ- القُرَشِىُّ-يَعْنِى مِنْ قَبِيلَةِ قُرَيْشٍ- فَهَاشِمٌ بَطْنٌ مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ، وَقُرَيْشٌ أَشْرَفُ قَبَائِلِ الْعَرَبِ. وَهُوَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إِلَى كُلِّ الإِنْسِ وَالْجِنِّ، لَيْسَ إِلَى العَرَبِ فَقَطْ، وَلاَ إِلَى العُجْمِ فَقَطْ، وَلاَ إِلَى الإِنْسِ فَقَطْ، إِنَّمَا أَرْسَلَهُ رَبُّهُ إِلَى الإِنْسِ وَالْجِنِّ جَمِيعاً.
وَيَتْبَعُ ذَلِكَ اعْتِقَادُ أَنَّهُ وُلِدَ بِمَكَّةَ وَبُعِثَ بِهَا وَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَدُفِنَ فِيهَا
الشَّرْحُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وُلِدَ فِى مَكَّةَ فِى عَامِ الْفِيلِ، أَىْ فِي العَامِ الذِي غَزَا فِيْهِ أَبْرَهَةُ مَكَّةَ يُرِيدُ تَدْمِيرَ الْكَعْبَةِ هُوَ وَجُنْدُهُ وَمَعَهُمُ الأَفْيَالُ، فأَهْلَكَهُ اللهُ وَجَيْشَهُ. وبُعِثَ لَمَّا كَانَ فِى سِنِّ الأَرْبَعِينَ. فَنَزَلَ الْوَحْىُ عَلَى رَسُولِ اللهِ أَوَّلَ مَا نَزَلَ فِى مَكَّةَ، ثُمَّ مَكَثَ فِيهَا بَعْدَ الْوَحْىِ نَحْوَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَكَثَ فِيهَا نَحْوَ عَشْرِ سِنِينَ، ثُمَّ تُوُفّـِىَ فِيهَا عَنْ ثَلاَثٍ وَسِتّـِينَ سَنَةً ودُفِنَ فِيهَا. وَمَعْرِفَةُ نَسَبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعْرِفَةُ مَكَانِ وِلاَدَتِهِ وَمَكَانِ وَفَاتِهِ مِنَ الْمُهِمَّاتِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَرْضَ عَيْنٍ. وَأَمَّا قَبِيلَةُ قُرَيْشٍ فَيَرْجِعُ نَسَبُهَا إِلَى إِسْمَــْــعِيلَ نَبِىِّ اللهِ ابْنِ إِبْرَْهِيمَ نَبِىِّ اللهِ.
وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ صَادِقٌ فِى جَمِيعِ مَا أَخْبَرَ بِهِ وَبَلَّغَهُ عِنِ اللهِ
الشَّرْحُ: أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَعْنَى الشَّهَادَةِ الثَّانِيَةِ الإِيمَانَ وَالتَّصْدِيقَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ صَادِقٌ فِى كُلِّ مَا بَلَّغَهُ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.