هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 التأويل و التفويض

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد المصرى




عدد الرسائل : 80
تاريخ التسجيل : 22/05/2008

التأويل و التفويض Empty
مُساهمةموضوع: التأويل و التفويض   التأويل و التفويض Icon_minitimeالأحد مايو 25, 2008 4:56 am

[ما هو التأويل



التأويل هو: [صرف النص عن معناه الظاهر إلى معنى يحتمله]، فإذا كان المعنى الذي يُصرف إليه موافقاً الكتاب والسنة الصحيحة، فالتأويل غير مذموم، أما إذا كان هذا المعنى مخالفاً الكتاب أو السنة الصحيحة فإنه تأويلٌ مذموم، وقد عرّف [الإمام تاج الدين السبكي] التأويل تعريفاً قريباً من التعريف السابق كما في كتابه [جمع الجوامع] الذي كان يُدرَّس إلى عهد قريب في جامعة [الأزهر الشريف] بمصر وفيه: [التأويل هو حمل الظاهر على المحتمل المرجوح]. انتهى.



2- شروط التأويل



وهـذا التأويل لا يُستعمل إلا بشروط، وهي أن يكون هناك دليل عقلي قاطع أو سمعي ثابت يُسَوِّغ التأويل، كما قال ذلك [الإمام فخر الدين الرازي]، صاحب التفسير المشهور ومجدد القرن السادس الهجري، في كتابه [المحصول] ما نصه: [ولا يَسوغُ تأويلُ النص أي إخراجه عن ظاهره بغير دليل عقلي قاطع أو سمعي ثابت]. انتهى.

فهذا العالم الجليل لم ينفِ جواز التأويل، ولم يعتبر من أوَّل جهمياًّ أو معتزلياًّ كما ادَّعى المجسمة المشبهة، بل إن الرازي قيد جواز التأويل بوجود دليل عقلي قاطع أو نقلي ثابت، وقال مثل كلام الـرازي [القاضـي عيـاض] في كتابه [الشفا بتعريف حقوق المصطفى]، وقال [شارح الشفا] مثل ذلك أيضاً، وكذلك نقل [النووي] عن [الخطيب البغدادي] في كتابه [المجموع] كلاماً مشابهاً لكلام القاضي عياض، وكذلك ذكر [القرطبي].



3- أنواع التأويل ومتى يسوغ استعماله



أما أنواع التأويل فنوعان:

أولا: [التأويلٌ الإجماليّ]، ويسميه بعض العلماء [التفويض].

ثانيا: النوع الثاني هو [التأويل التفصيلي].



4- التفويض أو التأويل الإجمالي



[التأويلٌ الإجماليّ]، ويسميه بعض العلماء [التفويض].

فأما النوع الأول وهو التأويل الإجمالي كان مسلكاً لغالب السلف، فالغالب عليهم أنهم يؤولونها تأويـلاً إجماليـاً وذلـك بالإيمـان بها واعتقاد أن لها معنى يليق بجلال الله وعظمته، بلا تعيين ولا تكييف، وقد قالوا: [أمِرُّوها كما جاءت بلا كيف]، كما ورد ذلك عن كثير منهم.

ولم يصح عن أحد من علماء السلف أنه قال: أمِرُّوا ءايات الصفات على ظاهرها، فكلمة: [على ظاهرها] هذه لم يذكرها أحدٌ قط، لأن الأخذ على الظاهر في جميع الآيات يؤدي إلى أن القرءان يتعارض، وكتاب الله يتعاضد أي يتفق ولا يتعارض، لذلك يُرَدُّ المتشابه من الآيات وهو الذي يحتمل أكثر من معنى إلى المحكم من الآيات وهو الذي يحتمل معنىً واحداً، ومستند ذلك قوله تعالى: {هـُوَ الَّـذِى أَنـزَلَ عَلَيـْكَ الْكـِتَـابَ مِنـْهُ ءَايَاتُُ مُّحْكـَمَـاتٌ هـُنَّ أُمُّ الْكـِتَـابِ وَأُخـَرُ مُتَشَابـِهَـاتُُ}.



5- التاويل التفصيلي



أما النوع الثاني وهو التأويل التفصيلي، فهو مذهب الخلف، إذ الغالب عليهم أنهم يؤولونها تفصيلاً بتعيين معانٍ لها مما تقتضيه لغة العرب ولا يحملونها على ظواهرها فهم مثل السلف اتفقوا على منع إجراء المتشابه على ظاهره، وقد سلك بعض السلف مسلك التأويل التفصيلي.



6- النبي يدعو الله ان يعلم ابن عباس تأويل الكتاب



وكيف يمكن أن يقال إن السلف ما استعملوا التأويل وقد [ورد في الصحيح] عن [سيد الكونين] سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه قدّم له [ابن عباس] وضوءه فقال: [من فعل هذا؟] قلت [أي قال ابن عباس]: أنا يا رسول الله، فقال: [اللهم فقّهه في الدين وعلمه التأويل]، قال ابن الجوزي: [فلا يخلو إما أن يكون الرسول أراد أن يدعو له أو عليه، فلا بد أن تقول أراد الدعاء له لا الدعاء عليه، ولو كان التأويل محظورا لكان هذا دعاءً عليه لا لـه ثـم أقول [أي ابن الجوزي]: لا يخلو إما أن تقول إن دعاء الرسول ليس مستجاباً فليس بصحيح، وإن قلت إنه مستجابٌ فقد تركت مذهبك وبطل قولك: إنهم ما كانوا يقولون بالتأويل]. انتهى كلام ابن الجوزي .

وقد قال ابن عباس في قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِى العِلْمِ}: [أنا ممن يعلم تأويله]، روى عنه ذلك السيوطي في الدر المنثور، والسيوطي من علماء المسلمين الثقات، فتبـين لنا ولكل ذي عينين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد دعا لابن عباس بأن يعلمه الله التأويل، فلو كان التأويل محظورا أو أنه ليس من صفات الفرقة الناجية لما دعا به الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما.



7- بيان ضلال من يأخذ بظاهر المتشابه



ونضرب الآن مثالاً لمن يُجري الآيات على الظاهر ولا يأخذ بالتأويل كيف يُفضي به إلى التعارض، فقد قال تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}، فالذين يأخذون هذه الآية على الظاهر، يلزمهم أن الله يكون في جهة فوقٍ من عباده، ولا ظاهر إلا هذا، فنقول لهم: إن الله تعالى قال: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} فظاهر هذه الآية أن الله مع كل الناس في الارض، فمن أخذ بظاهر الآيتين قال: إن الله فوق الناس ومعهم في ءان واحد، هنا يكون قد وقع في التعارض، إذاً يكون الأخذ في جميع ءايات الصفات على الظاهر مرفوضاً.

وهـذا مـا قالـه [القرطـبي] الـعالم الحجة الثقة، فقد قال رضي الله عنه في تفسير ءاية {ثـُمَّ اسْتـَوَى إِلَـى السَّمـَآءِ}: [وقال بعضهم نقرؤها ونفسرها على ما يحتمله ظاهر اللغة، وهذا قول المشبهة] انتهى.

فالقرطبي يعزو تفسير مثل هذه الآية على الظاهر للـ [مشبهة]، وهم فرقة من الفرق الضالة يشبهون الله بخلقه، والذي أدّاهم إلى التشبيه أنهم أخذوا تلك الآيات على ظاهرها، وقد قال [قاضي القضاة تاج الدين السبكي] في [طبقات الشافعية الكبرى] عندما تكلم عن التأويل: [إنما المصيبة الكبرى والداهية الدهيـاء الإمرار على الظاهر والاعتقاد أنه المراد وأنه لايستحيل على البارئ فذلك قول المجسمة عباد الوثن]. انتهى، فانظروا كيف شنَّع هذا العالم الجليل على من يُمر هذه الآيات على ظاهرها ووصفهم بأنهم مجسمة كما قال [عبدالقاهر البغدادي] في كتابه [أصول الدين] ما نصه: [المشبهة مجسمة والمجسمة كفار]. انتهى.

إذاً مسلك غالب السلف الإيمان بهذه الآيات كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تأويل تفصيلي.



8- أشهر تأويلات السلف



أمـا الآن سنذكـر من أَوَّلَ من السلف ومن الصحابة ومن العلماء المتقدمين.

أ) عبدالله بن عباس ترجمان القرآن يؤول الساق على معنى الأمر الشديد

فنبدأ بمن دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يعلمه الله التأويل ألا وهو [عبد الله بن عباس] رضي الله عنهما المعروف بين العلماء بـ[ترجمان القرءان]، حيث روى عنه [ابن حجر العسقلاني] في [الفتح] فقال: وأما الساق فجاء عن ابن عباس في قوله تعالى: {يـَوْمَ يُكْشـَفُ عـَنْ سَاقِِ} قال [أي ابن عباس رضي الله عنهما]: [عن شدة من الأمر]. انتهى، وقال [ابن حجر] في نفس الصحيفة معلقاً: وأسند [البيهقي] الأثر المذكور عن ابن عباس بـ[سندين] كل منهما [حسن]. انتهى، ونقل ذلك الإمام الحافظ [البيهقي] واللغوي المفسر [أبو حيان] في تفسيره.

ب) ج) مجاهد وقتادة

وقد نقل [الطبري] في تفسيره المشهور عن [ابن عباس] أنه أوّل قوله تعالى: {وَالسَّمَآءَ بَنَيْنَـهَا بِأَيْدِِ} قال: [أي بقوة]. انتهى، وكذلك روى [الطبري] نفس هذا التأويل عن [مجاهد] و[قتادة] وغيرهم من السلف.

وقـد استعمـل ابـن عبـاس التأويـل في قولـه تعـالى: {فَالْيَوْمَ نَنسَـهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـذَا}، حيث أوّل النسيان الوارد في هذه الآية بالترك، إذ أن الله سبحانه وتعالى مُنزه عن النسيان المعهود من البشر، لأن النسيان المعهود من البشر نقص، والنقص لا يليق بالله جل وعلا، فلذلك أوّل [ابن عباس] هذه الآية، وكذلك نقل [الطبري] عن [مجاهد] هذا التأويل، فهل يقال بعد ذلك إن هؤلاء معتزلة جهمية، حاشى وكلا بل الذي يرميهم بهذه الصفات لمجرد أنهم استعملوا التأويل فهو متهم في دينه.

ونزيدك يا طالب الحق أدلةً أخرى على جواز التأويل فنقـول:

د) هـ) الإمام البخاري وسفيان الثوري

البخـاري صاحـب الصحيح المشهور -وهو من السلف الذين ذبّوا عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم- قد استعمل التأويل كما هو مدون في صحيحه قوله تعالى: {كُلُّ شَىْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} قال [أي البخاري]: [إلا ملكه]. انتهى، وثبت تأويل هذه الآية عن [سفيان الثوري] حيث قال: [إلا ما ابتُغِيَ به وجه الله من الأعمال الصالحة]. انتهى.

ح) أحمد بن حنبل

وقد ثبت عن الإمام أحمد أنه أوَّل قول الله تعالى: {وَجَآءَ رَبُّكَ} [أي جاء ثوابه]، رواه عنه [البيهقي] وقال:[هذا إسنادٌ لا غبار عليه]. انتهى.

ط) الإمام مالك

ونقل الزرقاني عن الإمام [مالك] إمام دار الهجرة أنه أوَّل حديث: [ينزل ربنا]، بنـزول رحمتـه، كمـا ذكـر ذلك [الزرقاني] في شرحه على [موطأ مالك]، وقوى نسبة ذلك لمالك [ابن حجر] في الفتح والنووي في شرح مسلم، فهل يقال عن هؤلاء الأعلام، الذين هم من كبار علماء السلف الصالح إنهم جهمية أو معتزلة لمجرد انهم اولوا تأويلا تفصيليا؟! أو إنهم ليسوا من الفرقة الناجية لأنهم أوّلوا بعض ءايات وأحاديث الصفات؟! فيتبين مما نقلناه عن [ابن عباس وقتادة ومجاهد وسفيان وأحمد والبخاري ومالك] من التأويل، أن المؤول لا يكون ضالاً لمجردّ التأويل إذا وافق القواعد التي وضعها العلماء للتأويل .





9- تأويلات علماء الخلف

وإليـك الآن يـا طالـب الحـق تأويـلات الخلف من مشاهير علمـاء أهل السنة والجماعة، وارتضت أقوالهم، ليكونوا حجةً على مانعي التأويل ، منهم [القرطبي وأبو حيان الأندلسي وابـن حجر العسقلاني والسيوطي والبيهقي وابن عبدالبر وأبو نعيم الأصبهاني مصنف حلية الأولياء وابن أبي حاتم الرازي وابن عساكر والإمام أبو الحسن الأشعري وعبدالقاهر البغدادي والغزالي وابن بطال وبدر الدين العيني].



أ) القرطبي

فنبدأ بـ[القرطبي] صاحب التفسير المشهور -وهو إمام من الأئمة الأعلام- عَلَم الشامخ، وصاحب قدم راسخة في علوم القرءان حيث إنه أوّل في تفسيره هذا كثيراً من الآيات منها:

1-) قوله تعالى: {اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} قال: أي ينتقم منهم ويعاقبهم.

2-) أوَّل قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ} قال قصد إليها.

3-) أوَّل قوله تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلآ أَن يَأْتِيَهُمُ اللهُ} قال: إنما المعنى يأتيهم أمر الله وحكمه.

4-) أوَّل قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نَنسَـهُمْ} قال: أي نتركهم في النار.

5-) أوَّل قوله تعالى: {إِنَّا نَسِيْنَـكُمْ} قال: تركناكم.

6-) أوَّل قوله تعالى: {وَالسَّمَآءَ بَنَيْنَـهَا بِأَيْدِِ} قال: أي بقوة وقدرة.

7-) وأوَّل قوله تعالى: {وَجَآءَ رَبُّكَ} قال: أي أمره وقضاؤه.

فانظر أخي المسلم كم من التأويلات التي ذكرها هذا الإمام المفسر [القرطبي]، وهي غيضٌ من فيض، فلـولا خشية الإطالة لذكرنا العشرات من تأويلات هذا المفسر الهُمام.

ب) أبو حيان الأندلسي

والآن إلى عالمٍ ءاخر من علماء أهل السنة والجماعة، لننقل بعض تأويلاته، وهو المفسر اللغوي [أبو حيان الأندلسي]، الذي قال فيه الحافظ ابن حجر: [وكان ثبتاً فيما ينقله عارفاً باللغة والنحو والتصريف فهو الإمام المطلق فيهما. انتهى، ثم قال: وله اليد الطولى في التفسير والحديث]. انتهى.

فإذا نظرنا نظرةً عابرة في تفسير أبي حيان الذي سماه البحر المحيط، نجد من التأويلات الشىء الكثير منها أنه أوَّل:

1-) قوله تعالى: {إِنّــِى مُتَوَفّـِيـكَ وَرَافِعـُكَ إِلَىَّ} قال: [إلىَّ] هنا إضافة تشريف، والمعنى إلى سمائي ومقر ملائكتي.

2-) أوَّل قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} قال: والجمهور على أن هذه استعارة عن جوده وإنعامه.

3-) أوَّل قوله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} قال: أي ونحن أقرب قرب علمٍ بأحواله.

4-) أوَّل قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيّـِبُ} قال: لأنه (أي الله) ليس بجهة وإنما ذلك كناية عن القبول.

5-) وأوَّل قوله تعالى: {ءَأَمِنتُمْ مَّن فِى السَّمَآءِ} قال: ومجازه -أي المجاز الذي في الآية- أن ملكوته في السماء.

هذه التأويلات قليلٌ من كثير أردنا بها تبيين الحق وتبيين أن أبا حيان كان من الذين لا يرون بأساً في التأويل إذا كان هناك حاجة له.

ج) الحافظ ابن حجر

والآن إلى الحافظ ابن حجر، وهو من فطاحل علماء أهل السنة والجماعة، فإليك أيها الطالب للحق بعض التأويلات للحافظ ابن حجر من أشهر كتبه ألا وهو شرح صحيح البخاري

قال ابن حجر : [وقوله كتب الله أي أمر أن يُكتب].

أوَّل حديث : [ضحـك الله الليلة أو عجب من فعالكما]، قال: [ونسبة الضحك والتعجب إلى الله مجازية والمراد بهما الرضا بصنيعهما].

الحديث القدسي: [وأنـا معـه إذا ذكـرني]، قال: [أي بعلمي (يقصد بعلم الله)].

د) الإمام البيهقي

وهو أحد أعلام المسلمين في الحديث وغيره من العلوم الإسلامية، قال عنه [الحافظ أبو سعيد العلائي] في كتابه [الوشي المعلم]: [لم يأت بعد البيهقي والدارقطني مثلهما ولا من يقاربهما]. انتهى، وقال ابن حجر في الفتح عن الحافظ أبي سعيد العلائي: [شيـخ مشايخنـا]. انتهى، وقـال الذهـبي -الذي يعتمده بعض المشبهة في الجرح والتعديل- عن البيهقي: [كان البيهقي واحد زمانه وفرد أقرانه وحافظ أوانه]. انتهى

هذا هو الحافظ البيهقي قد استعمل التأويل في بعض ءايات وأحاديث الصفات، حيث قال في قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيّـِبُ}: صعود الكلم الطيب والصدقة الطيبة عبارة عن حسن القبول لهما . انتهى.

هـ) الإمام السيوطي

والحافظ السيوطي، وهو قد ألَّفَ كتاباً كاملاً في تأويل بعض ءايات وأحاديث الصفات، سمَّاه [تأويل الآيات والأحاديث الموهمة للتشبيه].

و) الإمام الغزالي

حجة الإسلام أبو حامد الغزالي، واشتهر بين المسلمين بعلو الصيت، وقد أوَّل في كثيرٍ من كتبه كالإحياء وغيره، ونضرب لكم مثالاً من كتاب [المستصفى في الأصول للغزالي] حيث قال: [فإن قيل العـرب إنمـا تفهـم مـن قولـه تعـالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} و {الرَّحْمَـنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} الجهة والاستقرار، وقد أُريد به غيره فهو متشابه، قلنا هيهات فإن هذه كنايات واستعارات يفهمها المؤمنون من العرب المصدقون بأن الله تعالى ليس كمثله شىء، وأنها مؤولة تأويلات تناسب تفاهم العرب]. انتهى كلام الغزالي بنصه.

ز) الإمام النووي

وقد ثبت التأويل عن غير هؤلاء العلماء من أهل السنة والجماعة كـ[النووي]، حيث إنه استخدم التأويل في مواضع كثيرة من [شرحه على صحيح مسلم] منها الحديث القدسي: [يا ابن ءادم مرضت فلم تعُدني، قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين، قال أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عُدْته لوجدتني عنده]، قال النووي مستحسناً: [قال العلماء إنما أضاف المرض إليه سبحانه وتعالى والمراد العبد تشريفاً للعبد وتقريباً له، ومعنى وجدتني أي وجدت ثوابي وكرامتي]. انتهى



10- التأويل المذموم ومثال عليه



أما المعتزلة والجهمية فإن العلماء ذموا تأويلاتهم لأنها تأويلات من غير دليل عقلي قاطع أو نقلي ثابت، فإذا رجعنا مرة أخرى إلى كلام الرازي في المحصول نجده يقول: [ولا يسوغ تأويل النص أي إخراجه عن ظاهره بغير دليل عقلي قاطع أو نقلي ثابت].

فالمعتزلة قد أوَّلوا نصوصاً من غير وجود أدلة عقلية أو نقلية تدفعهـم إلى التأويـل، ونعطـي مثـالاً وهو تأويلهم لقوله تعالى: {وُجُوهُُ يَوْمَئِذِِ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبّـِهَا نَاظِرَةُاُ}، فإنهم (أي المعتزلة) قد أوَّلوا كلمة ناظرة بانتظار ثواب الله في الآخرة، ونفوا أن ينظرالمؤمنون إلى ربهم في الآخرة، فهذا التأويل مردود لمخالفته نصوصاً واضحة تؤكد أن المؤمنين سيرون الله في الآخرة، بدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي [رواه الشيخان] وغيرهم: [إنكم سترون ربكم يوم القيامة].

إذاً مثل هذا التأويل هو الذي ذمَّه الشرع، وليس تأويلات أهل الحق التي توافق النقل والعقل وتنفي الجسمية عن الله، كما بيَّنا ذلك.



11- فائدة في الرد على مانعي التأويل

وننقل الآن كلاماً نفيساً للحافظ [مرتضى الزبيدي] من كتابه [إتحاف السادة المتقين] نقله من كتاب [التذكرة الشرقية للإمام القشيري] في جواز التأويل والرد على من يُمر جميع ءايات الصفات على الظاهر، وهذا نصه:

[[[فإن امتنع من التأويل أصلاً فقد أبطـل الشريعة والعلوم، إلا ما كان نحو قول الله تعالى {وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمُُ}، لأن ثَمَّ أشياء لا بد من تأويلها لا خلاف بين العقلاء فيه، إلا الملحدة الذين قصدهم التعطيل للشرائع، والاعتقاد لهذا يؤدي إلى إبطال ما هو عليه من التمسك بالشرع بزعمه، وإن قال يجوز التأويل على الجملة إلا فيما يتعلق بالله وبصفاته فلا تأويل فيه، فهذا مصيرٌ منه إلى أن مـا يتعلق بغير الله تعالى يجب أن يُعلم وما يتعلق بالصانع وصفاته يجب التقاصي عنه، وهذا لا يرضى به مسلم.

وسر الأمر أن هؤلاء الذين يمتنعون عن التأويل معتقدون حقيقة التشبيه غير أنهم يدلسون ويقولون له يدٌ لا كالأيدي وقدمٌ لا كالأقدام واستواء بالذات لا كما نعقل فيما بيننا، فليقل المحقق هذا كلام لا بدّ له من استبيانٍ.

قولكم نجري الأمرَ على الظاهر ولا يُعقل معناه تناقضٌ، إن أُجريت على الظاهر فظاهر السياق في قولـه تعـالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقِِ}، هو العضو المشتمل على الجلد واللحم والعظم والعصب والمخ، فإن أخذت بهذا الظاهر والتزمت بالإقرار بهذه الأعضاء فهو الكفر، وإن لم يمكنك الأخذ بها فأين الأخذ بالظاهر؟! ألست قد تركت الظاهر وعلمت تقدُّس الرب عما يوهم الظاهر، فكيف يكون أخذاً بالظاهر!؟.

وإن قال الخصم: هذه الظواهر لا معنى لها أصلاً، فهو حكمٌ بأنها ملغاة، وما كان في إبلاغها إلينا فائدة وهي هدرٌ، وهذا محالٌ، وفي لغة العرب ما شئت من التَّجوُّز والتوسع في الخطاب، وكانوا يعرفون موارد الكلام ويفهمون المقاصد، فمن تجافى عن التأويل فذلك لقلة فهمه بالعربية، ومن أحاط بطرقٍ من العربية هان عليه مدرَكُ الحقائق]]]. انتهى كلام [الإمام القشيري] الذي نقله [الإمام الزبيدي].

فانظر أخي المسلم كيف قال هذا العالم الجليل عن الذي يمنع التأويل: [إن هذا دليلٌ على قلة فهمه بالعربية]، والذي يدل على ذلك ما قاله الحافظ [ابن الجوزي] في كتابه [المجالس].
[/size][/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التأويل و التفويض
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: القسم الاسلامى :: الفقه والعقيدة-
انتقل الى: